وقت الشرقية:
تقتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة أكثر من 8100 قطعة نقدية من الذهب والفضة والمعادن الأخرى، تغطي جميع الفترات الإسلامية لتصل التغطية الزمنية إلى 14 قرنًا أو أكثر منذ عهود الإسلام المبكرة إلى الوقت الحاضر، فضلاً على التغطية الجغرافية الكبيرة لتشمل الهند، وأواسط آسيا شرقًا، إلى المغرب والأندلس غربًا، ومن بلاد القوقاز شمالًا إلى اليمن وعمان جنوبًا.
وعدّ المتخصصون مقتنيات المكتبة من المسكوكات من أهم المجموعات المحفوظة في المملكة وأكثرها تميزًا، حيث تقتني المكتبة عملات نادرة من النقود العربية والإسلامية يعود تاريخها إلى العصور الأموية، والعباسية، والأندلسية، والفاطمية، والأيوبية، والأتابكية، والسلجوقية، والمملوكية، ومن دول المشرق الإسلامي ودول المغرب العربي وحتى العصر العثماني.
وتقتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة أول دينار عربي إسلامي تم سكه في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان عام 72 هـ / 692م ، وتتفرد هذه العملة النادرة بأنها أول ما ضرب من عملات عربية إسلامية بعد أن كانت النقود المتداولة في صدر الإسلام يتم ضربها في غير البلاد الإسلامية.
وتتميز أول عملة عربية وإسلامية بكتابة شهادة التوحيد عليها، حيث تضمن وجه الدينار “عمودًا قائمًا على أربع مدرجات ينتهي في أعلاه بكرة صغيرة إلى اليمين واليسار نقشت كتابة يونانية ( إيوتا بيتا) وتدل على الرقم (12)” وفي الهامش: (بسم الله لا إله إلا الله وحده محمد رسول الله) وفي ظهر الدينار “صورة ثلاثة أشخاص ترمز إلى الإمبراطور البيزنطي وولديه يرتدون ملابس عربية، تختلف عن الملابس البيزنطية التي تظهر على الدينار البيزنطي” ويبلغ وزن الدينار (3.1 جم) وقطره ( 18.3 مم).
وتتسم معظم أنواع النقود الإسلامية التي تقتنيها المكتبة بالندرة العالمية، ولا يوجد لها مثيل حتى الآن، ومن بين هذه القطع: الدرهم العربي الساساني المضروب في دمشق سنة 75هـ، ودرهم عباسي جرى سكه في مدينة البصرة سنة 140هـ في عهد الخليفة أبي جعفر المنصور ويتميز هذا الدرهم عن سواه من دراهم الخليفة المنصور بصفة عامة والدراهم العباسية المضروبة في مدينة البصرة بوجود كلمة (عبد) أسفل كتابات مركز الوجه وهي كلمة لم يسبق أن ظهرت على دراهم هذا الخليفة من قبل.
ويعد هذا الدرهم إضافة مهمة لمجموعة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وتتضمن المجموعات أيضًا: الدينار الطولوني المضروب في فلسطين سنة 292هـ، ودينار مكة سنة 451هـ ، ودينار عَثَّر المضروب سنة 338هـ، والدينار البويهي المضروب في كرسي الديلم سنة 587هـ، إضافة إلى بعض النقود التي تعبر عن الحضارات التي عاشت في الجزيرة العربية والتي كانت تضرب في مدن سك النقود في الجزيرة العربية في مكة المكرمة، والمدينة المنورة، واليمامة، وبيشة، وغيرها من المدن.
وتأتي هذه المقتنيات من المسكوكات العربية والإسلامية، في إطار إستراتيجية المكتبة الثقافية والمعرفية للحفاظ على التراثين العربي والإسلامي، في كل مجالاته كتبًا، ووثائق، وصورًا، ونوادر، ومسكوكات، من أجل توفير مادة تاريخية متنوعة للباحثين والدارسين، وبيان ما يحتويه تراثنا من فلذات قيمة.
وتقوم مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بحصر العملات النادرة والتاريخية والإسلامية والسعودية وغيرها، وفهرستها وتصنيفها بالطرق العلمية المتبعة في تصنيف المجموعات العالمية، وإعداد قاعدة بيانات خاصة بها، تشتمل على جميع البيانات الأساسية لكل قطعة على حدة، وإدخالها في نظام آلي خاص بها، بحيث تكون متاحة للباحثين والمختصين من رواد المكتبة.
يذكر أن المسكوكات الإسلامية تعد من أهم المصادر التاريخية؛ لتضمنها معلومات عن الأحداث الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية التي شهدتها الدولة الإسلامية وقت إصدارها، كما أن دراسة هذه المسكوكات كونها من أهم المصادر التاريخية والحضارية لما تقدمه من ثراء معرفي يرتبط بمختلف مجالات الحياة، كما يرتبط بالبلاد والأماكن التي تم فيها سك العملات في مختلف البلاد العربية والإسلامية من مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى أماكن الخلافة الإسلامية خاصة في دمشق، وبغداد، والقاهرة، وتونس، والأندلس، وكذلك في مختلف البلاد الإسلامية.
وتقام المعارض للمسكوكات، حيث لا يخلو متحف عربي أو إسلامي أو عالمي من وجود أقسام خاصة بالمسكوكات والعملات التاريخية، كما أن بعض الجامعات العربية والأوروبية تقوم بتدريس مناهج خاصة بالمسكوكات الإسلامية كما في الجامعات الألمانية والبريطانية والفرنسية.
وبدأ سك الدنانير في البداية على طراز العملات البرونزية البيزنطية التي كانت تمثل هرقل حاكم الروم وولديه، وكانت تضرب بدار السك في مدينة الإسكندرية، وقد بدأت تتطور العملة الإسلامية في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان ( تولى الخلافة ما بين 65-86هـ / 685-705م) بداية من العام 72 هـ.